نظمت فرنسا مؤتمر رؤساء دول وحكومات من أجل دعم المرحلة الانتقالية الديمقراطية في السودان، عُقد في 17 أيار/مايو برئاسة السيد إيمانويل ماكرون.

ومثّل السودان كل من رئيس مجلس السيادة السيد عبد الفتاح البرهان ورئيس الوزراء السيد عبد الله حمدوك.

وشارك في المؤتمر كل من ألمانيا، والمملكة العربية السعودية، وبنك التنمية الأفريقي، والبنك الدولي، وكندا، والصين، ومصر، والإمارات العربية المتحدة، وإسبانيا، والولايات المحتدة الأمريكية، وإثيوبيا، وصندوق النقد الدولي، وإيطاليا، واليابان، والكويت، وجامعة الدول العربية، والنرويج، ومنظمة الأمم المتحدة، وهولندا، وقطر، والمملكة المتحدة، وروسيا، ورواندا، وجنوب السودان، والسويد، والاتحاد الأفريقي، والاتحاد الأوروبي.

وأثنى المشاركون على عودة السودان إلى جماعة الأمم بعد مرور أكثر من ثلاثة عقود على عزلته. وأتاحت الشجاعة التي تحلّى بها الشعب السوداني وعزيمته، ولا سيما الشباب والنساء منهم، إطاحة النظام الاستبدادي الذي كان يحكمهم ومهدت الطريق للمرحلة الانتقالية الديمقراطية.

وتحقق قدر كبير من التقدم منذ توقيع الإعلان الدستوري في 17آب/أغسطس 2019 في إطار ممارسة الحريات الأساسية. ويمثل التزام السلطات السودانية بالتصديق على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة فرصًا جديدةً لاحترام حقوقهن وتعزيزها. وستسهم مواصلة إصلاح الأجهزة الأمنية في تحقيق الامتثال الكامل لحقوق الإنسان وبسط سيادة القانون. وأشار المشاركون إلى أنّ سعي الشعب السوداني إلى إحلال السلام وتحقيق المصالحة يقتضي تلبية طلبه بتحقيق العدالة.

ويمثل الأداء التوافقي للمؤسسات الانتقالية عنصرًا جوهريًا من أجل التحضير لعقد انتخابات حرة وشفافة في نهاية الفترة الانتقالية، ومن أجل وضع دستور يضمن المساواة في الحقوق لجميع المواطنين السودانيين، وبغية إنشاء حكومة مدنية تتمتع بالشرعية الكاملة. وحث المشاركون السلطة الانتقالية على مواصلة العمل الدؤوب في وفاق تام من أجل ضمان نجاح المرحلة الانتقالية. ويتسم إنشاء مجلس تشريعي انتقالي يتضمن نسبة عالية من النساء على جناح السرعة بضرورة من أجل تنصيب السلطة الانتقالية على نحو كامل وهو ما سيعزز شرعيتها. وقد يصبح نجاح المرحلة الانتقالية في السودان نموذجًا يُحتذى به في القارة الأفريقية وفي العالم، لا بل يجب أن يصبح كذلك، في الحين الذي تواجه فيه بلدان جمة تحديات مماثلة.

ومثّل اتفاق جوبا للسلام الذي وقّع في 3 تشرين الأول/أكتوبر 2020 منعطفًا هامًا في سبيل إحلال السلام وإرساء الاستقرار واستتباب الأمن مجددًا في جميع مناطق السودان. بيد أنّ الطريق نحو تحقيق الأهداف المنشودة ما يزال طويلًا مثلما تبيّن الاشتباكات الحديثة المستعرة في دارفور وفي مناطق سودانية أخرى. وندعو الحركات التي لم تنضم إلى مسيرة السلام بعد، إلى الانضمام إليها في أقرب وقت ممكن، فلن يتسنى للسودانيين العيش في سلام وأمن إلا في السودان الذي يوفر الحقوق والفرص عينها لجميع مواطنيه. وأشاد المشاركون في هذا الصدد بالجهود التي بذلتها السلطات السودانية، من خلال الخطة الوطنية الرامية إلى حماية المدنيين، وعلى المساعدة التي ستقدمها بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان.

وأعرب المشاركون عن استيائهم من التوترات في المنطقة التي تهدد استقرارها وتُعرّض فرص تحقيق التنمية للخطر. وتتسم مساهمة جميع الجهات من خلال الحوار بأهمية في البحث عن حلول سلمية تعود بالنفع على جميع الأطراف. وأعرب المشاركون عن قناعتهم بإمكانية التوصل إلى اتفاق بشأن ملء خزان سد النهضة وإدارة السد إدارةً تتيح انتفاع جميع بلدان المنطقة به.

وأُحرز تقدم كبير في المجال الاقتصادي، وأُبرم اتفاق مع صندوق النقد الدولي. وحُذف السودان من قائمة الدول الداعمة للإرهاب.
وأشاد المشاركون بالتدابير الرامية إلى إلغاء الإعانات في قطاع الطاقة وإعادة توحيد أسعار الصرف. وأشاد المشاركون بالتزام السلطات السودانية بمواصلة الإصلاحات التي استهلت. وجدد الشركاء تأكيد عزمهم على مواصلة تقديم الدعم الكامل للسلطة الانتقالية في جهودها الرامية إلى تهيئة الظروف المؤاتية لتحقيق التنمية المستدامة وضمان رخاء الشعب السوداني، وذلك في إطار مؤتمر الشراكة مع السودان الذي عقد في برلين في عام 2020، وهو ما أتاح قياس حجم دعم الشركاء للعملية الانتقالية وحشد قدر كبير من الأموال لهذا الغرض. وأعربوا مجددًا عن تضامنهم كذلك مع الشعب السوداني الذي لم ينفك يواجه ظروف معيشة بمنتهى القصوى. وأثنوا على الجهود التي بُذلت وما تزال من أجل تحسين الإدارة الميزانية وتعزيز الشفافية في القطاع العام، وتعزيز مكافحة الفساد وإجراء إصلاحات جذرية في القطاعين المصرفي والنقدي. وستسهم هذه التدابير كافة في تحسين مناخ الأعمال بوصفها شروطًا أساسيةً من أجل وضع نموذج اقتصادي حيوي ومستدام.

وأحيط المشاركون علمًا بالمشاريع التي قدمتها الحكومة في إطار منتدى الأعمال التجارية. وأشاروا إلى إبداء المستثمرين اهتمام بالآفاق التي يوفرها السودان، وإلى الالتزامات التي قطعتها الحكومة بدعم مشاريعهم الاستثمارية.

ويرزح السودان تحت وطأة دين عام خارجي ثقيل ولا يمكن غض الطرف عنه بفعل ثلاثين عامًا اعتراها سوء الإدارة. وأكد المشاركون مجددًا التزامهم بدعم السودان للتخفيف من أعباء ديونه في إطار المبادرة المتعلقة بالبلدان الفقيرة المثقلة بالديون، بوصف ذلك شرطًا أساسيًا لاستعادة السودان إمكانية حصوله على التمويل الخارجي الكفيل بتحقيق تنميته.

وأعلنت فرنسا أنها ستتكفل بالقرض المرحلي من أجل تسديد متأخرات السودان لصندوق النقد الدولي التي تبلغ قيمتها 1،5 مليار دولار، وهو ما يتيح للسودان استيفاء الشرط الأساسي لتخفيف عبء الديون المتمثل في سداد جميع متأخراته المتعددة الأطراف. ويضاف إعلان فرنسا إلى ما أعلنته بشأن تصفية المتأخرات المستحقة للبنك الدولي وبنك التنمية الأفريقي.

وأفضت الجهود التي تبذلها كل من فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة والسويد وإيطاليا وأيرلندا وألمانيا والمملكة العربية السعودية والاتحاد الأوروبي بغية تصفية متأخرات السودان المتعددة الأطراف، إلى شق السبيل لالتزام المؤسسات المالية الدولية مجددًا وعلى نحو كامل لمؤازرة جهود السلطات السودانية، التي أصبح بإمكانها الحصول على هبات بقيمة زهاء ملياري دولار في الأجل القصير.
واستمع كذلك المشاركون إلى التقييمات التي أجرتها المؤسسات المالية الدولية بشأن التزام السلطات السودانية بالإصلاح بوصفه شرطًا مهمًا من أجل تخفيف عبء ديون السودان. ويحث المشاركون الحكومة الانتقالية على مواصلة تنفيذ برنامجها الإصلاحي بغية استيفاء هذا الشرط على نحو كامل.

وتدعو فرنسا جميع الدائنين الثنائيين للسودان، بصرف النظر إذا كانوا أعضاء في نادي باريس أم لا، إلى المشاركة على نحو منسق ومنصف في عملية تخفيف عبء ديون السودان التي ستستهل في شهر حزيران/يونيو، وذلك بمجرد استيفاء شروط تخفيض ديون السودان. وتعرب فرنسا مجددًا عن التزامها بالمشاركة في إلغاء الديون الثنائية للسودان بموجب المبادرة المتعلقة بالبلدان الفقيرة المثقلة بالديون وفي إطار هذه العملية.

وأكّد المشاركون مجددًا عزمهم على مواصلة دعم جهود السلطات السودانية الساعية إلى ضمان الانتقال الناجع إلى حكومة مدنية تشمل جميع الأطراف وتتمتع بالشرعية الكاملة وتكفل إحلال السلام وتحقيق الحرية والعدالة للشعب السوداني.
 

À consulter également

Voir tous les articles et dossiers